فاز الصحفي وليد أحمد الفرشيشي بجائزة قرطاج العالمية للشعر عن ديوانه الشعري الجديد” لم أكن حيّا بما يكفي”، وقد منحت هذه الجائزة وهذا التتويج من قبل ملتقى الفكر التونسي- الاسباني.
وليد أحمد الفرشيشي هو ثالث تونسي يفوز بهذه الجائزة بعد الشاعرين الصغير أولاد أحمد و آدم فتحي.
.ويذكر ان ديوان “لم أكن حيا بما يكفي” سيترجم إلى اللغة الإسبانية و سيصدر عن دار بقماليون الاسبانية
القصيدة الفائزة بجائزة قرطاج العالمية للشعر
التَقَيْنَا لكي نفترقْ
وَالْتَقَيْنَا كَمَا الغُرَبَاءِ تَمَامًا،
بِلاَ مَوْعِدٍ،
فِي المَكَانِ الخَطأْ،
فِي الزَّمَانِ الخَطأْ،
لَمْ يَكُنْ وَجَعِي كَافِيًا فِي اللِّقاءِ الفُجائِيِّ
كَيْ أبْصِرَ البَحْرَ فِي مَا تَفَتَّتَ مِنْ جَسَدَيْنَا هُنَاكَ
عَلَى آخِرِ الدَّرْبِ
دَرْبِ البُكاءِ
كَمَا الغُربَاءِ تَمَامًا
وَقَفْنَا إلى جَانِبِ الحُبِّ مُنْتَسِبَيْنِ لِأوْجَاعِنَا
وَحْدَهَا
خَائِفَيْنِ وَمُرْتَبِكَيْنِ وَلاَ شَيْءَ أكْثَرَ
منْ قِصَّةٍ هَشَّةٍ تَأكُلُ الوَقْتَ فِي نَهَمٍ قَاتِلٍ
لَمْ يَكُنْ كَافِيًا مَا تَبَقَّى مِنَ الوَقْتِ
حَتَّى نَحِنَّ إلَى شَفَتَيْنِ
وَنَمْلَأَ هَذَا الفَرَاغَ مَعًا
قُلْتِ: قُلْ أيَّ شَيْءٍ لِأعْرِفَ
أنَّكَ حَيٌّ مُقيمٌ بِقَلْبِي
وَأنَّكَ حَيْثُ أكونُ تَكُونُ إذَا انْتَصَرَ المَوْتُ
قُلْتُ: أحِبُّكِ حَقًّا وَلَكِنّْنِي صِرْتُ ظِلاًّ لِمَا كُنْتُهُ
صِرْتُ فَخًّا لِنَفْسِي وَقَيْدًا لِروحِكِ
قُلْتِ: أنَا لَكَ أنْتَ فَخُذْنِي إلى حِصَّتِي
فِيكَ يَا طِفْلِيَ المُتَعَجِّلَ فِي لَوْمِنَا،
قُلْتُ: الأمْرُ لاَ يَسْتَحِقُّ فَمَا عُدْتُ أقْدِرُ حَقًّا
عَلَى السَّيْرِ فِي جُثَّتِي
قُلْتِ: مَاذَا دَهَاكَ لِتَنْسَى طَريقَتَنَا فِي العُواءِ المَسَائيِّ
حِينَ يُوَحِدَّنَا الشِّعْرُ والمَاءُ؟
قُلتُ: نَسيتُ… نَسيتُ…فَلاَ شَيْءَ
حَوْلِيَ غَيْرُ رُهَابٍ تَرَعْرَعَ فِي
جَسَدٍ جَائِعٌ للْغِيابِ النِّهائِيِّ
قُلْتِ: أحِبُّكَ
قلتُ: وَبَعْدُ؟ أنَا مُرْهَقٌ. مَرَضِي لاَ دَواءَ لَهُ.
قُلْتِ: مَنْ قالَ هَذَا؟ سَتُشْفَى مِنَ الوَهْمِ يَوْمًا
وَتَغْفِرَ للقَلبِ حَيْرَتَهُ.
قُلْتُ: لاَ شأنَ لِي بِوَقَائِعَ لاَ تُرْبِكُ الظِّلَّ
حينَ أنَامُ أخِيرًا عَلَى فَخِذَيْ دُودَةٍ تَمْنَحُ الوَعْيَ
فُرْصَةً للتَّحَلُّلِ فِي اللاَّمَكَانِ.
دَعِينِي وَشَأنِي إذًا.
قُلْتِ: أرْفُضُ أنْ لاَ أراكَ مَعِي شَاعِرًا وَرَفِيقًا
أحِبُّكَ يَا وَجَعِي
مَنْ يَقُولُ لي الآنَ
إنِّي قَصِيدَتَهُ المُسْتَفَزَّةُ للحُزْنِ والمَوْتِ
قلتُ: غِيَابِي يُسَافِرُ بِي بَينَ نَفْسِي وَكَأسِي
لِكَيْ أتَوَقَّفَ عَنْ نَفْخِ هَذَا الحِصَارِ بأعْضَاءَ أخْرَى
تَعِبْتُ هُنَا.
ليْسَ لِي مَا أضِيفُ كَمَعْنَى لِهَذَا الغِيابْ !
قُلْتِ: حِينَ تَموتُ أموتُ. أحِبُّكَ.
قلتُ: مالحُبُّ؟
قُلْتِ: هُوَ الحُبُّ. فامتَدَّ فِيَّ لِأشْرَبَ حُزْنَكَ يَا شَاعِري،
وَتَعَالَ إلَى مَا بِنَا منْ عَذابٍ
لِنَنْسَى الخَرِيفَ الذِي أوْدَعَ المِلْحَ فِي جُرْحِنَا،
قُلتُ: يَنْقُصُنِي مُصْحَفٌ يَسْتَعِيدُ صُراخِي مِنَ البَحْرِ.
البَحْرُ يَحْبِسُنِي الآنَ فِيمَا تَبَقَّى مِنَ الدَّجَلِ المَعْرِفِيِّ.
أحِبُّكِ حَقًّا وَلكِنْ نَسِيتُ الطَّرِيقَ إليْكِ،
نَسِيتُكِ يَا مِحْنَتي.
قلْتِ: هَلْ كَانَ حُبًّا إذًا؟ هَلْ نَسيتَ؟
عَجِبْتُ لِمَنْ قَالَ يَوْمًا سَأغْفِرُ للِقَلْبِ قَسْوَتَهُ،
هَلْ أقُولُ لِطِفْلِي الحَقِيقَةَ؟
قُلْتُ: أجَلْ!
قُلْتِ: أنتَ تُحَدِّقُ فِي غَدِكَ الدَّمَوِيَّ
وَتَحْبِسُ حَاضِرَنَا مُطْمَئِنًّا إلَى رُعْبِكَ المتَوَرِّمِ
قُلتُ: تَرَكْتُ لِنَفْسِي فَرَاسَةَ ذِئْبٍ لَهُ مُطْلَقُ الامْتِثَالِ
لِشَهْوَتِهِ.
خَذَلَتْنِي السَّماءُ كَثيرًا فَلاَ تَخْذُلِي رَغْبَتِي
وَارْحَلِي
قُلْتِ: سَائرَةٌ فِي جُنونِكَ هَذي الفِرَاسَةُ
فاذْهَبْ إلَى غَدِكَ الآنَ وَلْنَفْتَرِقْ!
قلُتُ: قُومِي إلَى أجْمَلِ العَوْسَجَاتِ التِي تَعْشَقِينَ
وَغَطِّي حَيَاتِي بِهَا، وَخُذِي مَا تَبَقّى منَ الجَسَدِ الوَثَنِيَّ
إلَى جِهَةِ البَحْرِ……كَيْ نَفْتَرقْ!