بعد إيران، المغرب وفلسطين، سافر ضيوف تظاهرة موسيقات (وهم في أماكنهم) إلى إسبانيا مع فنان الفلامنكو “لويس دي لاكاراسكا” الذي قدم سهرة الاثنين إحدى أنجح الحفلات، فنيا وجماهيريا.
السهرة التي واكبها وزير الثقافة مراد الصقلي، حافظت على امتداد حوالي الساعة والنصف على نسق مميز بين الغناء والرقص جعلت الجمهور يصفق لأداء الفرقة مرارا وتكرارا، سيما بعد كل إطلالة للراقصين “بياتريس فاليرو” و”فانسون فالديز جوليان” الذين أبهرا برقصهما كل الحضور الذي صفق مرارا وتكرارا لحركات وخطوات أخذته من سيدي بوسعيد إلى الأندلس، ذلك المكان الذي ينحدر منه “لويس دي لا كاراسكا”.
سعى هذا الفنان عبر عرضه إلى إحياء هذه الجذور من خلال تكريم ثلة من أبرز الفنانين الذين أنجبتهم ربوع الأندلس في القرن العشرين ومن بينهم المؤلف الموسيقي ” مانوال دي فايا” والشاعر والمؤلف المسرحي” فدريكو غرسيا لوركا” وراقص الفلامنكو الغرناطي ” ماريو مايا “، بالإضافة إلى عائلة “هبيشوايلا” التي تركت بصمات لا تنمحي في تاريخ الفلامنكو.
في هذا العرض يتحد صوت لويس دي لا كاراسكا العذب أحيانا والمؤثر أحيانا أخرى بالنغمات الرخيمة والحزينة المنبعثة من أوتار القيثارة، تسندها إيقاعات التصفيق المتواترة، يتحد مع الرقصات والإيماءات الجسدية التي تطفح بالقوة والطاقة.
يتميز هذا العمل بالكثير من العمق والقدرة على تحريك المشاعر، مع الابتعاد عن كل ما هو بهرج، والسعي إلى ضمان ذلك التواصل المنشود بين الحداثة والتقاليد في حقل الفلامنكو، تلك التعبيرة الموسيقية التي تقوم في كنهها على المقولة التالية: “قلب جذلان على الرغم من الجراح”.