عاجل
الرئيسية / أخبار ثقافية / قفصة : المواقع الأثرية والتاريخية مدمّرة ومراكز الصناعات التقليدية مهجورة

قفصة : المواقع الأثرية والتاريخية مدمّرة ومراكز الصناعات التقليدية مهجورة

قبصة _ أڨري/جورنال – كتبت سميرة الخياري الكشو

يقال إنها تحتضن جبل «العسّالة والعسّالة» هي خلّية النحل حيث تكنز الملكة عسلها كما تحتضن «الرمادية» و«طائر الفينيق» فيمتزج تاريخها بين الواقع والاسطورة ..بين الحقيقة والخيال ..

الاسطورة التي خّلدت الذكرى التي نتوارثها جيلا بعد جيل والواقع الذي طمسته أيادي الاغتيالات المتكررة لكل ما هو تاريخي في هذه المدينة بالذات.


قفصة او مدينة «الملتقى» عنوانا لموقعها الاستراتيجي الهام الذي يتوسط المسالك الطبيعية التي تؤدي الى الشطوط والواحات والى اكثر من مقاطعة عبر التاريخ باعتبارها ولدت قبل التاريخ مياهها مثلت شريان الحياة الذي حولته ايادي العابثين عبر الزمن الى مثلث برمودا تونس. برمودا الأحلام القطّار أقدم المعالم الدينية عبر التاريخ …ولكن ما بقي منه الا الاسم…لا شيء هنا معلن فكّل شيء إما مطمور أو مشوّه الا ان قفصة حافظت على بعض من مجدها فلا أحد بامكانه ان ينكر انها المركز الذي أقام فيه الوالي التركي وفرقة من الجيش العثماني.

بلد التدقيق

مشكلة قفصة أنها بلد التدقيق والتوثيق لكن الحجارة التي نقشت عليها هذه الابيات ..تم نقلها الى الساحل ..وكأنما قفصة لا تستحقها ..كذلك شأن فسفسائها التي كلّما اكتشفوا جزءا منها يصلح للانتقال الا وأخذوه الىمكان غير المكان …

بلا صناعات تقليدية

كانت اهم انتاجاتها الصناعات التقليدية خاصة صناعة الزربية والاثاث التقليدي لكن اليوم لا أحد يتحدث عن صناعات قفصة. ولا عن ما تتقنه يدويا فأهالي قفصة كلّهم لا يهتمون الا بالفسفاط …..فصار مركز الصناعات التقليدية مهجورا ببناية بلا ملامح تمرّ من أمامها فلا ترى الا الغبار وببقايا جدران لا تختلف في شيء عن جدران أي بيت عادي او مدرسة ابتدائية مهجورة ..ما عادت تميّزها تلك الذكريات وكأن لا شيئا مرّ من هنا.. شأنها شأن كل المعاصر التقليدية التي دمروها بالكامل وعوضوها ببيوت شعبية متراصفة …بهضبة الميدة.

كتب التاريخ

لمن لا يعلم فقفصة مدينة الثورات المهدورة دمها …وحاضنة الحوض المنجمي والكنوز هي من تربط شمال البلاد بصحرائها. كما تتقاطع من خلالها الطريق المغاربية والافريقية فيمكنك الوصول الى سرت وتبسة كما حزوة والنيجر تحت حماية باقي الولايات التي تحيط بها على شعاع 100 ملم تقريبا في شكل هلال مفتوح تقول كتب التاريخ انها السرّ الذي يميّزها …لكن لا أحد فكّر في تدوينه داخل كتبنا المدرسية ..ولا أحد فكّر في تثبيت الحضارة القبصية في المراجع رغم انها الحضارة التي أثرت في باقي الحضارات..

قفصة الحضارة

قفصة نقطة تتداخل فيها وحدات جبلية ومنخفضات وأحواض وسهول يحدث فيها الانتقال من المجال السباسبي إلى المجال شبه الصحراوي في هدوء تام دون جلبة… حتى الأودية التي تحدث فيضانا لا تتكلم رغم دورها الهام في تأقلم الحياة الفلاحية والرعوية.

تزور قفصة سائحا …وكأنك تتجول بين أروقة التاريخ ..لكل مكان حكاية ورواية ولكل مرتفع قصّة تحمل من جذورنا الشيء الكثير فتاريخها لا يحتمل وزر الخضوع لجدران المتاحف أو التهجير .. فلا يجول بفكرك الا الطفل «بينز» ببلجيكيا تلك الدمية الصغيرة لطفل يتبول والتي تحتل واجهات المدينة كقبلة للزوّار من كل واجهات العالم ….لا شيء يذكره في التاريخ سوى أنه يوما ما في الحرب العالمية الثانية سقطت حذو طفل صغير قنبلة فتبّول عليها فلم تنفجر فخّلده أهالي المدينة وحولوه الى أسطورة…

أماّ نحن فتاريخنا هو من حوّلنا الى أسطورة لأننا الأمة الوحيدة التي تغتال تاريخها عمدا مع سبق الاصرار والترصد ….