التقاليد الشعبية
عادات الصينيين في شرب الشاي
بدأ الصينيون يشربون الشاي قبل أكثر من أربعة آلاف سنة. ويعتبر الشاي مشروبا لا غنى عنه في حياة الصينيين اليومية. ويقول المثل الشعبي الصيني إن الحطب والأرز والزيت والملح وصلصة الصويا والخل والشاي تعتبر الأشياء الضرورية السبعة في كل منزل، لذا، يعتبر شرب الشاي عادة هامة في الصين. ومن المعتاد أن يكرم الصينيون ضيوفهم بالشاي. وبعد استقبال ضيف في صالة البيت، يقدم المضيف له على الفور كوبا من الشاي ذي النكهة الطيبة حيث يتجاذبان أطراف الحديث بينما يشربان الشاي في راحة وسرور.
ويعتبر شرب الشاي عادة عريقة في الصين. وقيل إنه قبل عام 280 الميلادي، كانت في جنوب الصين دولة صغيرة إسمها وو قو. وعندما احتفى ملكها بوزرائه، كان يرغب في إسكارهم بالخمر. وكان منهم الوزير وي تشاو الذى كانت قدرته على الشرب ضعيفة، فسمح له الملك باستبدال الخمر بالشاي. ومنذ ذلك الوقت، بدأ المثقفون يكرمون ضيوفهم بالشاي. أما في عهد أسرة تانغ الملكية فقد أصبح شرب الشاي عادة مألوفة لدى الناس. وقيل إن هذه العادة متعلقة بالدين البوذي. وخلال الفترة بين عامي 713 و741 الميلاديين، كان الرهبان وأتباعهم في المعابد يكثرون في النوم والأكل بسبب جلسات التأمل لمدة طويلة. فخطر ببال كبير الرهبان حيلة، وطلب منهم شرب الشاي بقصد تنبيه أعصاب دماغهم. ثم انتشرت هذه الوسيلة الى كل أنحاء البلاد. وفي الوقت نفسه، كانت تخصص لأصحاب الثروة والجاه غرف لإعداد الشاي وتذوقه وقراءة الكتب، وتسمى غرف الشاي. وفي عام 780 الميلادي، كتب لو يو – خبير الشاي في عهد أسرة تانغ الملكية أول كتاب عن الشاي في الصين بعنوان ((كتاب الشاي الكلاسيكي)) بعد تلخيص تجاربه حول زراعة الشاي وصناعته وشربه. وفي عهد أسرة سونغ الملكية، كرم الإمبراطور سونغ هوي تسونغ وزراءه بحفل شاي، وكان يعد الشاي بيديه. إن البلاط الإمبراطوري لأسرة تسينغ الملكية لم يقم حفلات شاي فحسب، بل قدمه أيضا للاحتفاء بالمبعوثين الدبلوماسيين الأجانب. وفي الوقت الراهن، عندما يحل عيد رأس السنة الجديدة أو عيد الربيع أو غيرهما من الأعياد الهامة الكبيرة، كثيرا ما تقيم بعض الهيئات والمنظمات حفلات شاي.
وقد كوّن الشاي ظاهرة ثقافية خاصة في الصين. ويعتبر الناس إعداد الشاي وتذوقه فنّا. ومنذ القدم حتى الآن، أنشئت في كل أنحاء الصين مقاصف ومقاهي وغيرها من المباني الخاصة بالشاي بمختلف الأشكال. وبني بجانب شارع تشيانمن المزدهر ببكين مقهى شاي مميز جدا. حيث يشرب الناس الشاي ويأكلون المعجنات ويتمتعون بالعروض الفنية، فيمكن الاستراحة والترفيه في آن واحد. وفي جنوب الصين، لا توجد مقاصف ومقاهي شاي فحسب، بل توجد سقائف شاي أيضا. وتنصب معظم هذه السقائف في الأماكن الجميلة المناظر حيث يمكن للزوار أن يتمتعوا بالمناظر الطبيعية بينما يشربون الشاي.
وشرب الشاي له عادات خاصة. وتختلف أنواع الشاي المفضلة لدى الناس باختلاف رغباتهم في كل أنحاء البلاد. ويفضل أهل بكين شرب الشاي العطر، ويفضل أهل شانغهاي شرب الشاي الأخضر بينما يفضل أهل مقاطعة فوجيان في جنوب شرقي الصين شرب الشاي الأحمر وهكذا دواليك. وفي بعض المناطق، يرغب الناس في إضافة بعض التوابل الى الشاي عندما يشربونه. مثلا، في بعض المناطق بمقاطعة هونان بجنوب الصين، كثيرا ما يكرم الناس ضيوفهم بشاي جيانغيان. وعندما تغلى أوراق الشاي، يضاف إلى الماه الملح والجنزبيل وفول الصويا المقلي والسمسم. وكلما يشرب الناس الشاي، يحركون أكوابهم حتى يسكبوا فول الصويا والسمسم والجنزبيل مع أوراق الشاي الى أفواههم، ويمضغونها ببطء ويتذوقون رائحتها الذكية. لذا، من المعتاد أن يقول الناس “أكل الشاي” بدلا من ” شرب الشاي” في كثير من المناطق بالصين.
كما تختلف العادات الخاصة بأساليب نقع الشاي باختلاف أنحاء البلاد. ويفضل الناس في شرقي الصين استخدام أباريق الشاي الكبيرة. وعندما يدخل الضيف الى البيت، يضع المضيف أوراق الشاي في الإبريق، ويصبّ عليه الماء المغلي. ثم يسكب الشاي الجاهز في الكوب لتكريم ضيفه. وفي بعض المناطق، مثل مدينة تشانغ تشو بمقاطعة فوجيان في شرقي الصين، يلقي شاي قونغفو إقبالا شاملا. ولا يمتاز طقمه بأشكال خاصة فحسب، بل يمتاز نقعه بأسلوب خاص أيضا، مما يشكل فنا فريدا لثقافة الشاي.
وكذلك، تختلف الآداب المعنية بشرب الشاي باختلاف مناطق الصين. وفي بكين، عندما يقدم المضيف الشاي لضيفه، يتعين على الضيف أن يقف فورا ويأخذ كوبا من الشاي بيديه، ويقول للمضيف “شكرا!” وفي مقاطعتي قوانغدونغ وقوانغشي بجنوب الصين، عندما يقدم المضيف الشاي لضيفه، يتعين على الضيف أن يحني أصابع يده اليمنى ويدقّ بها سطح الطاولة بخفة ثلاث مرات تعبيرا عن شكره للمضيف. وفي بعض المناطق الأخرى، إذا أراد الضيف أن يواصل شرب الشاي، يتعين عليه أن يبقي بعض الماه في كوبه.وعندما يرى المضيف ذلك، سيضيف الماه الى كوبه باستمرار. وإذا شرب الضيف كل اما في كوبه، يظنّ المضيف أنه لا يريد مواصلة شرب الشاي، فلا يضيف الماء الى كوبه باستمرار.
عودا تناول الطعام اللذان لا مثيل لهما
قيل إنه في العالم ثلاثة أساليب لتناول الأطعمة. ويستخدم الأربعون بالمائة من الناس أيديهم لتناول الأطعمة مباشرة، ويستخدم الثلاثون بالمائة منهم السكاكين والشوكات بينما يستخدم الثلاثون بالمائة منهم العودينول الأطعمة.والأشواك بينما يستخدم الثلاثون بالمائة من عددهم .
ويعتبر العودان اختراعا كبيرا لدى الصينيين. ويسمى العودان ب”كواي” باللغة الصينية الآن. ووفقا للسجلات الوثائقية القديمة، بدأ الناس يسمونهما بتشو أو جيا في عهد أسرة ينشانغ الملكية قبل أكثر من ثلاثة آلاف سنة. ثم سموهما بجين خلال القرنين السادس والسابع الميلاديين. وجاء في الوثائق التاريخية أن المراكبية في نهر اليانغتسي في جنوب الصين بدأوا يستبدلون إسم “تشو” ب”كواي”. ثم سموهما ب”كواي” بصورة رسمية في عهد أسرة سونغ الملكية منذ القرن العاشر الميلادي.
كيف اخترع العودان؟ وفقا لتكهنات الخبراء، عندما كان يشوى شخص في التاريخ القديم طعامه، كان يقطع عشوائيا غصنين من الشجر أو قضيبين من البامبو ليلتقط الطعام بهما للأكل. وبفضلهما، يمكن أكل الطعام اللذيذ الساخن وتذوقه بدون إحراق يديه بالنار. فتطور الغصنان أو القضيبان الى العودين. إن شكلهما بسيط للغاية، أي عصاتان رفيعتان صغيرتان. وإن الجزء الأعلى المربع لكليهما أغلظ من الجزء الأسفل المستدير. وبفضل مزايا شكلهما، يسهل حملهما وتجنب سقوطهما من اليدين. كما يصعب تحركهما أو تدحرجهما إذا وضعتهما على الطاولة. ولا يمكن جرح الشفتين واللسان عندما تأخذ أطعمة الى فمك بطرفي العودين المجلوين الناعمين. وبعد انتشار “العودين” الى اليابان، بدأ اليابانيون يصنعونهما بشكل مخروطي. لأنهم يفضلون أكل الأطعمة النية والباردة مثل شرائح الأسماك النية وما أشبه ذلك، فمن السهل استخدام هذا النوع من العودين.
مع أن العودين شيء بسيط، غير أن الصينيين يولون اهتماما كثيرا لاختيار المواد الخام والنقوش والزخارف عليهما. وكانت في الصين عيدان مصنوعة من عاج الفيل والنحاس قبل أكثر من ألفي سنة. ومنذ القرنين السادس والسابع، كانت البلاط الإمبراطوري وأجهزة السلطات وعوائل الأغنياء تستخدم العيدان المصنوعة من الذهب والفضة، والمنقوشة والمزخرفة باليشم والمرجان، كما كانت العيدان الفاخرة مرصعة برأس فضي بقصد كشف الأطعمة المسمومة، وإذا كانت الأطعمة مسمومة، فسيصبح لون الرأس الفضي أسود أو أخضر فورا.
ويلعب العودان دورا هاما في عادات الصينيين الشعبية. وفي بعض المناطق، من اللازم ضمن الأجهزة التى تجلبها العروس الى بيت العريس زوجان من الطاسات والعيدان المعدة للعروسين والمربوطة بخيط أحمر والمسماة بطاسات الأبناء والأحفاد الأمر الذي يرمز الى أن الزوجين الجديدين سيعيشان معا منذ ذلك الحين. ويشبه لفظ كلمة “العودين” بلفظ كلمة “السرعة” في اللغة الصينية، لذلك، فإن اهداءهما للعروسين يعني ضمنيا التمنيات لهما بإنجاب طفل في أسرع وقت ممكن. رغم أن العودين مجرد عصاتين رفيعتين صغيرتين، لكنك لا بد أن تبذل جهودا معينة من أجل استخدامهما بمهارة.
وكثيرا ما جذبت مهارة الصينيين في استخدام العودين انتباه الأجانب، حتى تأسست في الدول الغربية مراكز تدريبية خاصة لتعليم الناس أساليب استخدام العودين. ويرى بعض خبراء الطب أن استخدام العودين يحرك أكثر من ثلاثين مفصلا وأكثر من خمسين عضلة للإنسان ويساعد على زيادة براعة اليدين وذكاء الذهن. وتعتبر الصين موطن العودين، لكن قيل إن أول متحف ” للعيدان” في العالم أنشئ في ألمانيا ويعرض فيه أكثر من عشرة آلاف زوج من العيدان المصنوعة من الذهب والفضة واليشم وعظام الحيوانات وغيرها من المواد. وجاءت هذه العيدان من مختلف الدول والمناطق عبر مختلف عهود التاريخ، فيمكن القول إنه معرض عظيم.
عادات وتقاليد الصينيين في الشرب والأكل
يقول المثل الصيني إن أساس صحة الفرد هو النظام الغذائي وليس الدواء، مما يؤكد ضرورة اهتمام الناس بالنظام الغذائي للتمتع بصحة جيدة. وبالرغم من أن الحالة المالية لبعض الناس ليست جيدة أو متيسرة، لكنهم يبذلون ما في وسعهم لتحسين مكوناتهم الغذائية. أما الناس ميسورو المعيشة فيبذلون جهودا أكبر في رفع جودة غذائهم. وهكذا مع مرور الزمن، نلاحظ أن أنشطة الشرب والأكل مضمنة في مختلف مجالات حياة الناس، فهناك عادات غذائية خاصة بالمراسم الاجتماعية والأعياد التقليدية الهامة والمناسبات الدينية والزفاف والجنازة وعيد الميلاد وإنجاب الطفل … الخ.
تتجلى العادات الغذائية للمراسم الاجتماعية بصورة رئيسية في أنشطة الاتصالات بين الناس، وخصوصا بين الأصدقاء والأقرباء. وكلما يحل حدث هام لشخص معين، مثل إنجاب طفل أو الانتقال الى بيت جديد أو غيرهما، غالبا ما يهدي أصدقاؤه وأقرباؤه بعض الهدايا الى أسرته. أما المضيف فيفكر أولا: أي مأكولات ومشروبات سيعدّها لضيوفه؟ ويبذل أقصى جهوده لإعداد الأطباق الفخمة بقصد إرضاء ضيوفه. وكذلك، اعتاد التجار على الجلوس حول المائدة لإجراء المفاوضات التجارية. وبعد تناول الوجبة، يتفقون على صفقة.
وتختلف الأطباق لإكرام الضيوف باختلاف العادات والتقاليد في كل أنحاء البلاد. وكان أهل بكين في زمن قديم يكرمون ضيوفهم بالمكرونة الصينية كناية دعوتهم للضيوف بالمبيت. وإذا بات الضيوف، دعوهم المضيف لتناول وجبة من الجياوتسى تعبيرا عن حماستهم لإكرام الضيوف. وفي الزيارات لأقربائهم وأصدقائهم، كان من المتعين أن يهدوا اليهم ثمانية أنواع من المعجنات المحلية ببكين. وفي بعض الأرياف في جنوب الصين، عندما يجيء ضيف، يحضر المضيف الشاي له. ثم يذهب على الفور الى المطبخ لإعداد المعجنات أو سلق عدة بيضات دجاج في الماء ويضيف السكر اليه أو يسلق في البداية عدة شرائح من كعكة رأس السنة ويضيف السكر اليها ثم يقدمها الى ضيفه ليتذوق أولا، وبعد ذلك، يبدأ إعداد وجبة رئيسية.
وفي مدينة تشيوانتشو بمقاطعة فوجيان في شرقي الصين، يتعين على المضيف أن يحضر لضيفه فواكه حلوة، وخصوصا اليوسفى. لأن لفظ “اليوسفى” يشبه لفظ “البركة” في اللهجة العامية فيعتبر ذلك ترحيبا مجازيا بضيفه وتمنيا له أن يعيش معيشة مبروكة وحلوة مثل اليوسفى.
ويختلف حجم المأدبة لإكرام الضيوف باختلاف المناطق أيضا. وإن أصغر حجم في بكين هي مائدة من ثمانية أطباق باردة وثمانية أخرى ساخنة. وفي مقاطعة هيلونغجيانغ بشمال الصين، يلزم تحضير إثنين من كل طبق أو بأعداد زوجية. وبالإضافة الى ذلك، في بعض المناطق، يلزم تحضير طبق سمك تعبيرا عن الأمنيات بمعيشة ميسورة. وفي الحقيقة، إن كثيرا من المآدب العادية في الحياة اليومية أنشطة غذائية متعددة ناتجة عن الزواج، مثل المآدب لعرض الزواج وتقييم الخاطب والمخطوبة والخطوبة والزفاف وبمناسبة أول عودة العروس الى بيت والديها. ومن ضمنها، تعتبر مأدبة الزفاف أفخم وأكثر مأدبة أبهة. مثلا، في بعض المناطق في مقاطعة شنشي بغربي الصين، يمتاز كل طبق في مأدبة الزفاف بمعنى خاص. إن الطبق الأول هو اللحم الأحمر ويرمز الى أن البيت مفعم بالسعادة، والطبق الثاني هو مسبحة الدرويش (تشكيلة من لحم و أصناف مختلفة من الخضر) ويرمز الى لم شمل جميع أفراد الأسرة ومشاركتهم في السراء الرخاء. والطبق الثالث هو أرز النفائس الثمانية والمطبوخ بالأرز اللزج الأبيض والتمر الصيني الكبير والزنبق والجنكة وبذور اللوتس وغيرها من المواد الخام الثماني ويرمز الى الزواج السعيد والعمر المديد … والخ. وفي أرياف مقاطعة جيانغسو بشرقي الصين، كانت مأدبة الزفاف فخمة جدا ومعدة بستة عشر طبقا أو أربعة وعشرين طبقا أو ستة وثلاثين طبقا. وفي المدن، تقام مأدبة الزفاف بصورة فخمة أيضا. ويتوارث الناس هذه العادات متمنين معيشة سعيدة ومباركة. وتعتبر مأدبة العمر المديد مأدبة مقامة لتهنئة المسنين بعيد ميلادهم. وغالبا ما يكون الطعام الرئيسي فيها مكرونة تسمى مكرونة العمر المديد. وفي مدينة هانغتشو وبعض المناطق في شمال مقاطعة جيانغسو بشرقي الصين، من المعتاد أن يأكل الناس المكرونة ظهرا ويقيموا مآدب مساء. وعندما يأكل أهل مدينة هانغتشو المكرونة، يلتقط كل شخص بعض المكرونة من طاسته إلى المحتفى به لعيد ميلاده متمنيين له عمرا مديدا. ويتعين على كل شخص أن يأكل طاستين من المكرونة، ولكن الناس لا يسمحون بملأهما تماما معتقدين أن ذلك غير مبارك.
العلاج الغذائي والأطعمة الطبية
في العهود القديمة الصينية، كان الناس يحصلون على العقاقير من الطبيعة، مما كوّن علم الطب الصيني التقليدي وأدويته ذات الميزات الفريدة. إنه يرتبط أيضا بمأكولات الناس ومشروباتهم بصورة وثيقة. ويمكن تناول الأدوية في الأطعمة، كما تلعب بعض الأطعمة دورا مماثلا للأدوية مما أدى الى ما يعرف بالعلاج الغذائي والأطعمة الطبية. ويقول المثل الصيني إن أساس صحة الفرد هو النظام الغذائي وليس الدواء. وإن العلاج الغذائي أفضل من العلاج الطبي. ويظل العلاج الغذائي شائعا جدا بين عامة الصينيين سواء في العهود القديمة أو في الوقت الحاضر، وأصبح زهرة عجيبة في حديقة زهور “العادات الغذائية الصينية”.
وإن عادة الدمج بين الأدوية والأطعمة وتبادل الخبرات بين الأطباء والطباخين قد تجسدت في النظام الغذائي الطبي خلال عهد أسرة تشو ( من عام 1046 قبل الميلاد الى عام 256 قبل الميلاد). وفي الكتب والسجلات القديمة، توجد كثير من الأطروحات عن العلاج الغذائي. وفي كلا الكتابين(( ألف وصفة طبية رئيسية)) و((ألف وصفة طبية ثانوية)) بقلم الطبيب الكبير سون سي مياو في عهد أسرة تانغ الملكية (618-907)، يحلل فصل خاص العلاج الغذائي، مما ترك تأثيرات عميقة وبعيدة المدى في تطور علم العلاج الغذائي خلال العهود القديمة.
ويرى سون سي مياو أن صحة الإنسان تقام على أساس النظام الغذائي المعقول، ولا يسمح لأي شخص بتناول الأدوية دون استشارة. ويلزم كل طبيب توضيح أسباب المرض قبل كل شيء ومحاولة إنقاذ المريض بالعلاج الغذائي أولا. وإذا لم يحقق ذلك نتائج جيدة، فما زال هناك وقت لعلاجه بالأدوية. وإن جميع سبل العلاج الغذائي وإعداد الأطعمة الطبية المتداولة بين عامة الصينيين تطورت على ضوء وجهات نظر سون سي مياو عن العلاج الغذائي.
وتجاوز عمر سون سي مياو مائة سنة. ونظرا لهذه الحقيقة، قبل الناس باقتناع تام نظرياته حول العلاج الغذائي والرعاية الصحية منذ عصره حتى الآن. ثم أصبح العلاج الغذائي والأطعمة الطبية تدريجيا وسائل شائعة جدا بين الجماهير الصينية لتقوية البنية والوقاية من الأمراض وعلاجها.
إن العلاج الغذائي هو استخدام الأطعمة كأدوية. وفي الصين، يعتبر تناول الخضروات والأطعمة للوقاية من الأمراض وعلاجها في الحياة اليومية أمرا معروفا لدى الجميع تقريبا. وإذا اصيب فرد من أسرة ما بالزكام والانفلونزا، يمكنه أن يقطع عدة شرائح من الزنجبيل وعدة قطع من البصل الأخضر ويغليها في ماء مع السكر الأسمر. ثم من الأفضل أن يشرب هذا الحساء ليعرق حتى يؤدي الحساء مفعوله المطلوب. ومن ضمن سبل الرعاية الصحية في الحياة اليومية، أكل الزنجبيل صباحا وأكل الفجل مساء. كما يتمتع الملح والخل والزنجبيل والبصل والثوم وغيرها من التوابل بفاعليات كثيرة في العلاج الغذائي. وتختلف سبل استخدامها باختلاف المناطق، وما زالت تتطور بشكل مستمر. والآن يخلط بعض الأشخاص الخل مع مشروب الكوكاكولا لتكوين مشروب صالح للرعاية الصحية ولقي هذا المشروب إقبالا شديدا لدى الناس.
ومن ضمن سبل العلاج الغذائي، توجد سلسلة من أطعمة الزهور، أي الأطعمة المصنوعة من الزهور. وبدأت أطعمة الزهور تظهر خلال القرنين السابع والسادس قبل الميلاد أثناء عهد الربيع والخريف، وشاعت في القرن السابع الميلادي أثناء عهد أسرة تانغ الملكية.
وتجاوز عدد أنواع الزهور ألفا. وتنتشر في شمال الصين أكثر من مائة نوع من الزهور المأكولة. أما في مقاطعة يوننان المسماة ب”مملكة النباتات” في جنوب غربي الصين، فقيل إن أنواع الزهور المأكولة كثيرة جدا حتى يتجاوز عددها مائتين وستين.
وتستطيع أطعمة الزهور أن تعالج الأمراض. وإن كثرة أكل أطعمة الزهور مفيدة جدا لصحة الناس وخصوصا للنساء. مثلا: إن الورد الذي يرمز الى الحب يتمتع بفوائد لتنشيط الدورة الدموية وتنظيم الطمث والعناية ببشرة الوجه والرعاية الصحية للنساء. وإن طبق السمك والجمبري الطازجين المطبوخين مع زهور الخوخ ينشط الطاقة الحيوية والدم ويقوي الطحال والمعدة بالإضافة الى العناية ببشرة الوجه بصورة جيدة جدا.
وتلعب الأطعمة الطبية أدوارا مماثلة للأدوية، ويمكنك تناولها خلال الوجبات العادية بقصد علاج الأمراض والوقاية منها. وورثت هذه الأطعمة الطبية منذ القدم حتى الآن في الصين، ولقيت ترحيبا متزايدا في الوقت الحاضر، ومن بين الأطعمة الطبية الشائعة الحساء والمعجنات والمرق وأطباق الأطعمة، وكذلك، أنشئت مطاعم خاصة بالأطعمة الطبية. وأنواع هذه الأطعمة الطبية عديدة وفاعلياتها مختلفة. مثلا، هناك حساء يسمى “حساء الأطفال” ومسلوق باليام الصيني وبزور دموع الأيوب والكاكي المجفف مع الأرز، ويستطيع أن يعالج مرض ضعف الطحال والمعدة للأطفال. وإن الحساء الخفيف المصنوع من بصل عرار سيتشوان وقشر البرتقال ( أو اليوسفى) المجفف يستطيع أن يعالج الزكام والسعال. والحساء الخفيف المصنوع من عصير الجنسن الصيني يستطيع تقوية ورعاية بنية المرضى والمسنين.
ويمنع ((قانون سلامة الأطعمة)) الصيني بحزم إضافة الأدوية في الأطعمة، وهذا يتعارض مع الطرق الشعبية لإعداد الأطعمة الطبية. ومن أجل حل هذا التناقض، أعلنت الهيئة الحكومية المعنية أسماء لعشرات الأنواع من العقاقير الصينية التى يمكن إضافتها في الأطعمة، مثل التمر الكبير الصيني والزنجبيل المجفف والزعرور الصيني والنعناع وغيرها.
ولم شاعت الأطعمة الطبية داخل الصين فحسب، بل دخلت الأسواق الدولية أيضا. مثلا، إن خمر زهر الأقحوان وشاي قشر اليوسفى وخبز الكمأة الصينية والزيتون ذا الفاعلية الطبية وغيرها من المأكولات والمشروبات الطبية الصينية تلقى الآن إقبالا متزايدا لدى الأجانب في أساليبهم الغذائية.
ثلاثة أطعمة مميزة في الأعياد الصينية – يوان شياو وزونغ تسى وكعك يويه بينغ
تتسم العادات الغذائية التقليدية الصينية بميزات بارزة للغاية بمناسبة حلول الأعياد التقليدية الصينية، وخصوصا بمناسبة حلول أعياد الربيع ودوان وو ومنتصف الخريف التى تعتبر ثلاثة أهم أعياد حسب التقويم القمري الصيني. كما تعتبر الأطعمة الخاصة بهذه الأعياد الثلاثة — يوان شياو وزونغ تسى وكعك يويه بينغ ثلاثة أطعمة مميزة في الأعياد الصينية. وفيما يلي نعرفكم بهذه الأطعمة الثلاثة.
يعتبر عيد الربيع – أول يوم من السنة القمرية الصينية الجديدة — أفخم عيد لدى الشعب الصيني. ولهذا العيد مجموعة كاملة من العادات الغذائية، ويحتفل الناس بهذا العيد حتى عيد يوان شياو الذى يصادف اليوم الخامس عشر من الشهر الأول حسب التقويم القمري الصيني. وفي هذا اليوم، تأكل كل أسرة طعام يوان شياو. ولكن إسمه يختلف في شمال الصين وجنوبها. ويسميه أهل جنوب الصين بتانغ يوان، كما يختلف أسلوب الطبخ لكل من تانغ يوان ويوان شياو.
إن الأسلوب المفصل لطبخ يوان شياو في شمال الصين هو كما يلي: إعداد الحشوة بالسمسم والفول السوداني أو معجون الفاصوليا المخلوط بالسكر وتكويرها الى كرات صغيرة وغمسها بالماء ووضعها في منسفة مملوءة بطحين الأرز اللزج الأبيض ودحرجتها مرارا وتكرارا مما يجعلها مغطاة بطحين الأرز اللزج باستمرار حتى تصبح العديد من الكرات التى حجم الواحدة منها أصغر بقليل من البيضة. وهكذا، تم إعداد يوان شياو. وإن الناس مشغولون الآن بأعمالهم، فلا يعدونه بأنفسهم عموما، بل يشترون يوان شياو الجاهز في الأسواق. وكلما يحل عيد يوان شياو، ينصب بعض التجار في الشوارع والأزقة مناسف كبيرة قطرها أكثر من متر حيث يدحرجون يوان شياو بنشاط. وفي بكين، يلقي يوان شياو المعد بمتجري داو شيانغ تسون وقوي شيانغ تسون اللذين ظل صيتهما ذائعا لمدة طويلة إقبالا شديدا لدى الناس.
وبالمقارنة مع ذلك، يرغب أهل جنوب الصين في إعداد طعام تانغ يوان بأيديهم بمناسبة عيد يوان شياو. ويعجنون طحين الأرز اللزج بالماء الساخن حتى يصبح عجينة كبيرة. بينما يعدون الحشوة المخلوطة بلبّ الجوز والفول السوداني والسمسم ومربي التمر الصيني ومعجون الفاصوليا. ثم يقطعون قطعة صغيرة من العجينة ليلفّوا الحشوة، ويكوّرونها باليدين حتى تصبح كرة ناعمة. ومن بين أنواع تانغ يوان المشهورة في جنوب الصين، طعام تانغ يوان في مدينة نينغ بو بجنوب شرقي الصين وطعام لاي تانغ يوان في مدينة تشنغ دو في مقاطعة سيتشوان بجنوب غربي الصين.
مهما كان يوان شياو أو تانغ يوان، يمكن أكله بعد سلقه في الماء المغلي. ونكهته حلو ناعم ولذيذ جدا. ووفقا للعادات الشعبية، إن أكل يوان شياو أو تانغ يوان بمناسبة عيد يوان شياو يرمز الى لمّ شمل الأسرة لأن لفظ كلمة “يوان” يشبه لفظ “اجتماع الشمل” في اللغة الصينية.
ويصادف عيد دوان وو اليوم الخامس من الشهر الخامس حسب التقويم القمري الصيني، ويعتبر أكل تسونغ تسي أهم عادة غذائية في هذا اليوم. وأسلوب إعداده: لفّ الأرز اللزج الأبيض بأوراق البامبو أو القصب، ثم حزمه بخيوط قطنية حتى يصبح شكله مخروطا مثلثا أو وسادة أو غيرهما من الأشكال، ثم تبخيره أو سلقه للأكل. وبسبب العادات الغذائية المختلفة لدى الناس في كل أنحاء الصين، تختلف المواد الخام لتسونغ تسي وأساليب إعداده ونكهته. وإن كلا من مدن سو تشو وجيا شينغ ونينغ بو وغيرها من المدن المطلة على نهر اليانغتسي في شرقي الصين تظل تسمى ببلد السمك والأرز. وتعتبر أنواع تسونغ تسي المعدة فيها ممثلة لنظرائها في جنوب البلاد. وتعد حشواتها بمعجون الفاصوليا وأبو الفروة ( الكستناء) ومربى التمر الصيني واللحم الطازج وغيرها. أما طعام تسونغ تسي في شمال البلاد فتعد حشوته رئيسيا بالتمر الصيني الصغير أو نقوع الفواكه.
ويتمتع تسونغ تسي بتاريخ عريق باعتباره أحد الأطعمة المميزة في الأعياد الصينية. ويردد عامة الناس مقولة أن أكل تسونغ تسي بمناسبة عيد دوان وو لإحياء ذكرى تشيو يوان – الشاعر الوطني العظيم في العهود القديمة. ويحكى أن مملكة تشو – وطن تشيو يوان هزمت في القرن الثالث قبل الميلاد. وانتحر تشيو يوان الذى كان يغتلى صدره بالحزن والغضب في نهر اليانغتسي في اليوم الخامس من الشهر الخامس حسب التقويم القمري الصيني. ومنذ ذلك الحين، حدد الناس هذا اليوم عيدا لإحياء ذكرى تشيو يوان. وكلما حل هذا العيد، ألقى الناس أنابيب البامبو المحشوة بالأرز اللزج الأبيض الى نهر اليانغتسي لتقديم القرابين لتشيو يوان. ويحكى بعد ذلك أن النذور أكلها تنين الطوفان خلسة في هذا النهر. فغطى الناس أنابيب البامبو هذه بأوراق الإزادرخت (أو الزنزلخت) ولفّوها بخيوط حريرية ملونة. وقيل إن تنين الطوفان يخاف هاذين الشيئين بصورة أشدّ. ثم تحول أنبوب البامبو المحشو بالأرز اللزج الى طعام تسونغ تسي تدريجيا.
ولا يعتبر تسونغ تسي طعاما مميزا بمناسبة العيد فحسب، بل أصبح هدية يتبادلها عامة الناس أيضا. وكلما يحل عيد دوان وو، يزور الناس أقرباءهم وأصدقاءهم جالبين معهم عقودا من تسونغ تسي.
ويصادف عيد منتصف الخريف اليوم الخامس عشر من الشهر الثامن حسب التقويم القمري الصيني. ويبدو أن البدر يكون أكثر استدارة في هذه الليلة، ويسمى هذا العيد بعيد لم الشمل أيضا. ويعتبر كعك يويه بينغ طعاما لا غنى عنه بالنسبة للناس عند تمتعهم بالبدر خلال ليلة عيد منتصف الخريف. وإن كعك يويه بينغ معجونة محشوة لذيذة بشكل البدر. واختلافا عن الخبز العادي، يزخرف عموما بصور مثل طيران الحورية تشانغ ( الشخصية المشهورة في الأسطورة الصينية) الى القمر أو الأزهار المنورة والبدر الجميل أو الحصاد الوافر وإله العمر المديد وغيرها.
وعند بدء طلوع البدر في ليلة عيد منتصف الخريف، يعرض الناس كعك يويه بينغ ومختلف الفواكه كنذور تحت ضوء البدر لتقديم القرابين له. وبعد ذلك، يأكل جميع أفراد الأسرة كعك يويه بينغ بعد تقسيمه متمنيين دوام لم الشمل.
ويختلف مذاق كعك يويه بينغ باختلاف مناطق الصين. وأشهر أنواعه مصنوعة في بكين ومدينة سو تشو في شرق الصين ومدينتي قوانغ تشو وتشاو تشو في جنوبها.
وتمشيا مع ارتفاع مستوى معيشة الشعب، طرأت تغيرات جديدة على حشوة كعك يويه بينغ. بالإضافة الى السكر ومربي التمر الصيني والفول الأحمر وبذور اللوتس، يصنع كعك يويه بينغ أيضا بصفار بيض البط الملوح والفواكه وزبدة الكاكاو وغيرها.
ويعتبر كعك يويه بينغ هدية للأقرباء والأصدقاء. وكلما أقبل عيد منتصف الخريف، يعرض كعك يويه بينغ بمختلف العبوات الرائعة في كل المراكز التجارية كأنه ينبه الناس الى أن ليلة لم الشمل ستجيء، وحان الوقت للشوق الى الأقرباء وزيارة الأصدقاء.
جياوتسي في الصين
لا نبالغ في القول على الإطلاق إن طعام جياوتسي جزء من الثقافة الصينية باعتباره طعاما تقليديا صينيا. وإنه يرمز الى لم الشمل عندما يأكله جميع أفراد الأسرة في بيتهم. ويكرم الشخص ضيوفه به تعبيرا عن كرمه وحماسته. وإذا لم يأكل أجنبي طعام جياوتسي خلال زيارته للصين، ربما يسخر بالآخرون منه بعد عودته الى بلاده لأن زيارته للصين كانت سدى.
وبعبارات عامة، إن جياوتسي عبارة عن حشوة ملفوفة بعجينة يتم غليها بالماء. وكان جياوتسي يعتبر طعاما رئيسيا مميزا بمناسبة الأعياد الصينية في الماضي، كما يعتبر طعاما يلزم أكله في كل الأسر الصينية خاصة في عشية اليوم الأول من السنة الجديدة القمرية. وفي العادات والتقاليد الصينية، يجب الاهتمام بحشوة جياوتسي وشكله وطرق أكله …والخ.
ولنتحدث أولا عن حشوة جياوتسي. إن حشوته مصنوعة من اللحوم أو الخضروات. وغالبا ما تصنع باللحوم المخلوطة بالخضروات المفرومة. وخلال عملية إعداد الحشوة، يجب الاهتمام أكثر بتقطيع الحشوة، أي وضع اللحوم والخضروات والبصل والزنجبيل وغيرها بصورة منسجمة جيدة على المرقّة وتقطيعها بالساطور بصورة دقيقة.
وبعد إعداد الحشوة، يهتم الناس بشكل جياوتسي أيضا. ويتعود الناس في معظم مناطق البلاد على لفّها في شكل هلال باعتباره شكلا تقليديا مألوفا لجياوتسي. وتفضل بعض الأسر إعداد جياوتسي على شكل سبيكة ذهبية أو فضية ( العملة القديمة في الصين) متمنية الى أن تصبح الأسر غنية للغاية وتملك الكثير من الذهب والفضة. ويرغب أبناء الأرياف في إعداد جياوتسي على شكل سنبلة قمح مما يجعله مثل حبات مكتنزة من السنابل متمنيين تحقيق حصاد وفير في السنة الجديدة.
وبعد لفّ جياوتسي، يحين الوقت لسلقه. وبعد أن يغلى الماء في القدر، يمكنك أن تضع جياوتسي في الماء النقي واحدا تلو الآخر. وبعد ذلك، يتعين عليك أن تحرك الماء في قاع القدر بمعلقة كبيرة لضمان عدم لصق جياوتسي بقعر القدر. وأثناء عملية السلق، يتعين عليك عموما أن تضيف ماء باردا الى القدر ثلاث مرات منفصلة. وبعد عشرين دقيقة تقريبا، يصبح جياوتسي ناضجا لذيذا.
وتوجد عادات أيضا عند أكل جياوتسي. وتقدم أول طاسة منه كقرابين للأجداد للتعبير عن الاحترام والشوق الى الأجداد المتوفين. وتقدم الطاسة الثانية منه كقرابين لإله الموقد وغيره من الآلهة في الأساطير الشعبية الصينية، بينما يتعين على أحد المسنين في البيت أن يقرأ قطعة من الأسجاع الشعبية، مثلا:
كل جياوتسي مدبب الطرفين
وتسلق كثير منه في القدر
وتغرف بالمعلقة الذهبية
وتوضع في الطاسة الفضية على المائدة
لتقديم قرابين آلهة السماء
وهم مسرورون إزاء ذلك
فيحافظون على السلامة خلال الفصول الأربعة كل سنة.
ثم يبدأ جميع أفراد الأسرة أكل جياوتسي من الطاسة الثالثة. ويتعين عليهم أن يحسبوا عدد الجياوتسي المأكول بوضوح. ومن الأفضل أكل جياوتسي بعدد زوجي، وليس بعدد فردي.
وفي الظروف العادية، يعتبر جياوتسي طعاما يلزم أكله في عشية أول يوم من السنة التقليدية الصينية. وسواء كان الناس يعملون أو يدرسون في الخارج أو يزاولون التجارة، يتعين عليهم أن يعودوا الى بيوتهم باستعجال ليلتئم شمل أسرهم. حيث يعدّ جميع أفراد الأسرة جياوتسي ويأكلونه بفرح ومرح في جو سعادة بمناسبة العيد.
وفي الحياة الواقعية، قليلا ما يعدّ سكان المدن الصينية حشوة جياوتسي حتى كلّه. وعندما يحلّ عيد تقليدي صيني، تشتري كثير من الأسر أطعمة الجياوتسي المثلجة من المراكز التجارية، ثم تسلقه في منازلها، أو يذهب جميع أفراد الأسرة الى مطعم مباشرة لتناول وجبة جياوتسي. وحتى في الأرياف الصينية، قد تلاشت كثير من العادات والتقاليد المألوفة الخاصة بأكل جياوتسي في الماضي.