الرئيسية / أخبار الملاعب / زهرة التوليب التي كتبت تاريخ وطن

زهرة التوليب التي كتبت تاريخ وطن

مملكة الأقاليم هولاندا –أڨري/جورنال كتبت سميرة الخياري كشو

حين تتحدث ولو من باب الصدفة عن الاراضي الاسكندينافية ..لا شيء يقتحم خيالك  المثقل بهموم الوطن الا ما كتبه التاريخ يوما عن جنون القطيع وأوهام العامة , ففي هولاندا او مملكة الاقاليم بلد الانجازات الزراعية التي تقترب من المعجزة  لا شيء يضاهي خيال التاريخ بقدر زهرة التوليب التي اخترقت تفاصيل اوروبا ذات صباح قبل 4 قرون خلت عن طريق الامبراطورية العثمانية ودوّنت تفاصيلها في دفاتر الزمن فباتت رمزا من رموز بلد ولد من حجم اكبر فاجعة في تاريخ الإنسانية .

تصدير بلوني بصلة سنوياّ

هنا في مملكة المزارع تتحول زهرة التوليب  الى رمز وطن نحت تفاصيل التاريخ فتعاظمت شهرته واضحى منتجا مغريا جدا تصدر منه هولاندا ما يقارب بلوني بصلة اي بذرة نبتة  الهوس الخزامي  رغم ان انتشار زراعتها بلغ كل بقاع العالم .

ولزهرة التوليب التي تجتاح التاريخ قصص تروى وكتب تؤرخ ومزارع تزار للزهرة الوحيدة بالعالم التي تمتلك حياتين معا , حياة فوق الأرض تنتهي بالأزهار ذات الألوان الجميلة الحمراء والصفراء والوردية والتي حّولت مزارعها الى أشبه بلوحات فنية تزين الجدران وأرصفة الذاكرة وكتب الدليل السياحي وحياة ثانية تنتهي بتكوين أبصال جديدة لا أحد   يدرك في اي برّ تعيش لتتوالد من جديد فلا تذكرك في تفاصيلها الا بطائر الفينق الذي يموت ليولد من جديد خلقا من رماده .

زهرة التوليب او منبت الأصل الذي قد تراه في موطنه الاصلي  الدولة العثمانية او القوقاز والشام ..لكن لا ترى صورته المعلنة كملكة  الا في مملكة النورس الذي حول تاريخها الى وطن يروى والى امبراطورية مستقلة بذاتها أرّخها الدهر بمرحلة جنون توليب  الذي ارتبط بفترة تعاظمت فيها شعبية هذه النبتة الى درجة وصلت حدّ الهذيان .

ووصلت فيه التنافسية في الاسعار الى حدود عالية قدّرها التاريخ انها خيالية وتحولت زهرة التوليب  الى موضوع تفاخر ورفعة حتى  ان بعضا من اسمائها  اشتقت لتحمل اسماء ادميرالات البحرية الهولاندية .

وبلغت اسعار زهرة التوليب في القرن السابع عشر اضعاف معدل دخل الفرد الواحد وبلغت حدا  انه تمت مقايضة الأزهار بالمزارع والأغنام  انتهت بحياة اشبه بالجنون فارتبط اسم الزهرة بجنون توليب او الهوس الخزامي في اشارة الى فقاعة اقتصادية كبيرة جدا .

ودوّن التاريخ بعد قرنين من الحادثة كتابا لصحفي بريطاني عن جنون القطيع وأوهام العامة قيل انه تمت من خلاله تجاهل الحديث عن الطاعون الذي أصاب البلد في نفس وعن حرب الثلاثين عاما ..

فكتبت الزهرة التاريخ بدلا عن نكساته وكتبت لنفسها تاريخها حوّلها الى تحف فنيّة تتصدر واجهة المحلات المتخصصة في التحف التذكارية  فلا أحد يدخل المملكة ويغادرها الا محملا ببذرة منها  تقول لزواره الجدد انه كان هنا .

لنا من التاريخ نكساتا واحتفالاتا بذكرى النكبة تلو الاخرى ولهم توليبهم الّذي ولّد التاريخ من زهرة .

تاريخ ولد في الدولة العثمانية لكن أرخته الاراضي الاوروبية  زهرة كتبت تاريخ امة وتاريخ امة قد تمحيه زهرة … فما بقي لنا من أحلام الا كمن يقول أحبك لأنك توليب حياتي….