في تصريح أدلى به إلى القناة الهولندية الثانية قال محمد المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية ان دول العالم وخاصة الدول الغربية التي تتمتع بانظمة ديمقراطية نظرت عند انطلاق هبوب نسائم الربيع العربي الى الامر بعين الامل قبل ان تتحفظ في الآونة الاخيرة، وأضاف المرزوقي في رده على سؤال يتعلق بموقف العالم من الثورات العربية: «العالم مقسم الى الكثير من الانظمة ..اجمالا الانظمة الديمقراطية والغربية بالاخص التي تتمتع بالديمقراطية نظرت إلى الامر بعين الامل وبعد أن شهدت ما آلت إليه الأوضاع من عدم استقرار لا اقول انها تراجعت في مواقفها وانما تحفظت فيه.. اما الانظمة الدكتاتورية و الانظمة العربية فترى ان الثورات العربية ليست في صالحها وبالتالي موقفها سلبي جدا.. وانا ما يهمني هو مواقف الشعوب وخاصة الشعوب العربية التي لديها امل في هذا الربيع ..» وأشار المرزوقي الى انه لا يمكن الحكم على الربيع العربي من الان وانما يجب ان ننتظر سنوات ان لم تكن عقودا حتى تنضج ثمار الانتقال الديمقراطي.
ونفى رئيس الجمهورية ان تكون الثورة المضادة قد انتصرت في تونس موضحا انها سعت الصائفة الماضية الى زعزعة النظام ومحاصرة مؤسسات الدولة والمجلس التأسيسي والدعوة الى الانقلاب غير انها اندحرت وانتصرت عليها الشرعية قائلا: «الثورة المضادة لم ولن تنتصر في تونس، قد تكون انتصرت في مكان آخر لكن في تونس محاولاتها باءت بالفشل وانتصرت الشرعية وذهابنا للانتخابات قريبا خير دليل على انتصار الثورة التونسية…» وبيّن أن تونس تتميز بجملة من الخصائص التي تؤهلها لامتصاص الصدمات والنجاح في مسارها.
وفي إجابته عن سؤال يتعلّق بتوالد الحركات الجهادية والارهابية كـ«داعش» وغيرها من التنظيمات واستغلالها للحريات، افاد «المرزوقي» ان التنظيمات الارهابية موجودة قبل الثورات العربية مبينا أن الانظمة الاستبدادية هي المسؤول الاول عن تفريخ التنظيمات الارهابية وتابع قائلا: «داعش وغيرها من التنظيمات الارهابية وجدت مع الانظمة الاستبداية واول عملية ارهابية في تونس جدت سنة 2006 .. وهنا أودّ التوضيح أنه نتجت عن النظام الاستبدادي مجموعتان الاولى مدنية سلمية تقاوم من اجل ارساء الديمقراطية والحرية والعدالة والثانية التجأت الى السلاح…». وعن استغلال مساحات الحرية بشكل سلبي علق المرزوقي قائلا: «مساحات الحرية التي حققت اليوم لا يجب التفريط فيها رغم بعض السلبيات التي قد ترافقها.. الحريات مثل الورد فلا يمكنك التمتع بعبيرها الا بتحمل شوكها.. وبالتالي علينا التحمل ومواصلة المشوار الديمقراطي الى اخره .. العودة الى الاستبداد هو الجنون المطلق..».
وحول تعريفه لهوية الارهاب والارهابيين، اعتبر رئيس الجمهورية ان الاسلاميين يشكلون طيفا واسعا يمتد من «أردوغان» الى «طالبان» على خلاف الغرب الذي يرى الاسلاميين شيئا واحدا، مصرحا بأن الشق الإسلامي في تونس معتدل حتى في شقه السلفي المسالم اما عن الشق السلفي المتشدد والمسلح فقد قال المرزوقي: «هو شق في حد ذاته مقسم الى اطراف وهو سيزيد انقساما لانه مخترق من قبل المخابرات وفيه جزء اجرامي وغير ذلك..» ودعا المرزوقي الى عدم الخلط بين الارهابيين والاسلاميين وعدم وضع الجميع في نفس السلة، مشددا على ضرورة محاورة الاطراف المسالمة لإدخالها في لعبة الديمقراطية حتى تكون كسبا للديمقراطية ولتونس.
وأضاف المرزوقي تصريحه حول ملف الارهاب بالتأكيد على أن الحرب على الارهاب فرضت على تونس فرضا ويجب ان تخاض مع مراعاة نقطتين مهمتين الاولى هي تطبيق القانون والثانية هي عدم خرقه مشددا على ان المؤسستين الامنية والعسكرية على يقظة تامة للتصدّي للخطر الارهابي وأنهما نجحتا في تسديد ضربات قاسمة له.
واشاد رئيس الجمهورية بالدور الذي لعبته «الترويكا» بحكومتيها الاولى والثانية في النجاح السياسي الذي اسهم في المحافظة على جزء من النمو ووضع تونس على السكة واضاف: «الترويكا لعبت دورا مهما …» أما عن دستور تونس الجديد فاعرب رئيس الجمهورية عن رضاه التام مؤكدا على انه دستور صلب وسيصمد لأجيال عدة وأضاف: «الدستور استجاب لما نظرته وكتبت عنه سنوات عدة مضت حيث أقرّ النّظام المزودج وحفظ حقوق وحريات المواطنين بقي الغاء عقوبة الاعدام لم تنصص وأتمنى أن تكتب مستقبلا. على كل تونس امضت على الغاء الاعدام وما دمت انا في تونس لن يقع الاعدام..».
وعن علاقته بالشيخ راشد الغنوشي وبالاسلاميين قال المرزوقي انه على علاقة جيدة معهما لما يحملانه من افكار منفتحة وايمانهما بالديمقراطية وتابع : «الإسلاميون والعلمانيون نأيا بأنفسهم عن الاستقطاب وبالنسبة إليّ الاسلامي الديمقراطي اقرب ليّ من العلماني المناوئ الرافض للديمقراطية ..».
أما بخصوص المخاطر التي تحدق بالانتخابات وتتربص بها وترشحه للانتخابات المقبلة فقد صرح رئيس الجمهورية قائلا: «ذاهبون الى الانتخابات مهما حدث .. بالنسبة لترشحي انا لم أقرر بعد وعندما اقرر سأعلن ذلك…».